أين سعد الحريري؟

أين سعد الحريري؟

لبنان عربي – مصطفى العويك
أين دولة الرئيس سعد الحريري؟ ماذا يفعل الآن في ظل هذه الأزمة الكورونية؟ هل يتابع من حجره المنزلي في بيت الوسط او باريس أخبار العالم ويتتبع خطط الدول لمواجهة الوباء الفتّاك؟ ليتأكد أيها الأنجع فيسارع الى تطبيقها في لبنان؟ أم يجلس متربعا أمام الشاشة الصغيرة محادثا عبر تطبيقات الإنترنت مستشاريه على تنوع مهامهم ويحثهم على التفكير وتقديم الطروحات والاستشارات في القضايا العالقة من منازلهم؟ خاصة تلك المتعلقة بالتعيينات الإدارية مثلا، أو ربما يجلس، يقابله أمين تياره العام يقلّب معه صفحات التيار التي يصعب بعد اليوم جمعها في كتاب واحد، بعد أن تطايرت كل منها في اتجاه بفعل ما كسبت أيدي الأمين العام ودائرته الضيقة؟..
ماذا يفعل سعد الحريري؟ بعد خطابه الشهير في شباط الماضي قال إنه سيعيد ترتيب بيته الداخلي، وسيولي التنظيم اهتمامات غير مسبوقة، وأن الأولوية بعد الخروج من الحكم ستكون بلا منازع للناس، لجمهوري رفيق الحريري، وسعد الحريري، وتيار المستقبل.
منذ أن قال الحريري ذلك، والناس تتقفى أثره، تبحث عن تصاريحه في كل مقدمة أخبار مسائية، فلا تجده، في كل تقرير عن وضع البلد ومستقبله فيصعب عليها تحديد هويته، تنتقل الى وسائل التواصل الاجتماعي فتجده يتفيأ ظلال تطبيق “تويتر” بين الفينة والأخرى دون أن يقيم فيه، ما إن يلمح المتابعون تغريدته حتى يلحقوا به لكن دون جدوى. يبقى الأثر: تغريدة مؤلفة من أحرف معدودات تتضمن نقدا لأداء حكومي، أو تصوب على رئيس التيار الوطني الحر، كمبدأ أساسي ما بعد فترة الاستقالة من الحكومة.
أين سعد الحريري؟ الناس تسأل ولا من مجيب؟
ظهر الحريري منذ أزمة الكورونا حتى اليوم في محطات لا تتجاوز أصابع اليد الواحدة وطغى عليها جميعا الظهور غير المباشر: تغريدة ضد الحكومة، ثم في بيان رؤساء الحكومات السابقين، فبتبرع الـ 100 مليون ليرة لمحافظة عكار بهدف الوقاية من كورونا، والرابعة في تغريدة أخرى يا للعجب شكر فيها الحكومة على نشاطها المستجد في إعادة اللبنانيين الراغبين من الخارج.
وماذا بعد؟
أين سعد الحريري من خطابه الشباطي؟ أين وعده وعهده للناس ولجمهوره؟ لماذا دفع المقربين قبل غيرهم للقول: “عندما لا يكون الحريري في السلطة لا تنتظروا منه شيئا، ليس لديه ما يقدمه من خارج السلطة سوى بضع تغريدات يهاجم فيها باسيل عند الحاجة لمزيد من الشعبوية لا أكثر”. يجيب أحدهم:” لا نريد منه تقديمات ولا ماشابه نريد فقط ان نعلم أين هو للاطمئنان عليه، فنحن ندرك أن فاقد الشيء لا يعطيه”.
أين أنت دولة الرئيس؟ الناس تسأل وكثير منهم لا يملك حسابا على تويتر ليطمئن عليك، أخرج للناس قل لهم أنك لا زلت موجودا، وان الحياة خارج السلطة لم تأخذك منهم كما فعلت وأنت داخل السلطة.
اخرج اليهم فأهلك في بيروت وصيدا وطرابلس وعكار والمنية والضنية والبقاع وكل المناطق “السنية” التي أيدتك وصوّتت لتيارك ولشخصك وكاريزمتك قبله، تسأل عنك، ولا يمكنها في ظل الحجر المنزلي ان تهيم في الشوارع باحثة عن رئيس حكومتها السابق، إنها تكره حسان دياب وحكومته لأنها أقرت التعبئة العامة وفرضت حظر التجول، ففوّت على هؤلاء المحبين “مغامرة” البحث عنك.
دولة الرئيس لا ترهقهم أكثر فقدر استنزفتهم التطورات الأليمة وأردتهم الأزمة الاقتصادية الخانقة، ويقال إنك كنت يوما ما، أملهم، فلا تخيب أمل المحبين، لأن النفوس تضجر والأرواح تمل، ولأن المحب متى تجاهله الحبيب مرارا وتكرارا، فلا يعود يذكر إلا ما شانه منه.
واحذر دولة الرئيس… إن الحب من طرف واحد لا يدوم طويلا.