حكومة دياب للدائنين: “إلكُن معنا وما معنا”!

جاء في “نداء الوطن” ما يأتي:

كما في “كورونا” كذلك في “اليوروبوندز”… تواصل حكومة حسان دياب سياسة التردّد واستنزاف الوقت وعدم اتخاذ القرار المناسب في الوقت المناسب. هكذا فعلت في مواجهة الفيروس العابر للقارات حينما شرّعت منافذ البلد أمام دخول الوباء على متن الرحلات الجوية الإيرانية لأنها لم تتجرأ على اتخاذ القرار السيادي الجريء في بدايات الأزمة، فابتلى اللبنانيون بالكورونا وأخذ عدّاد المصابين يرصد كل يوم تسجيل مزيد من الضحايا حتى بلغ في آخر حصيلة رسمية العشرة بينما تتحدث مصادر طبية عليمة في مجالسها عن وجود عشرات المصابين لم يتم الإعلان عنهم حتى الساعة خشية اتساع رقعة الهلع بين المواطنين. وفي استحقاق “اليوروبوندز” أيضاً تخبّط وتردّد واستغراق في المشورات الاقتصادية والتقنية والقانونية، والنتيجة معلومة سلفاً منذ مطلع العام أنّ حكومة دياب ستبقى تناور وتحاور حتى عشية 9 آذار لتضع الدائنين أمام الأمر الواقع وتقول لهم بصريح العبارة: “إلكُن معنا وما معنا”.

المشكلة في الحكومة الحالية الافتقار إلى القرار والجرأة والإمعان في التسويف ومحاولات إيهام الرأي العام بأنّ اجتماعات السراي الكبير “رح تشيل الزير من البير” بينما الكل يعلم من رأس الهرم إلى أخمص قاعدته أنّ دياب ورعاة حكومته عينهم على صناديق العرب والدول المانحة لانتشال الاقتصاد الوطني بعيداً عن الاضطرار إلى الخضوع لشروط الإصلاح المطلوبة تحت مظلة صندوق النقد الدولي. وبهذا المعنى، يندرج ما أكدته مصادر مواكبة لملف “اليوروبوندز” بقولها لـ”نداء الوطن” إنّ اتجاه الحكومة هو نحو وضع الدائنين الدوليين أمام واقع عدم سداد سندات الدين في موعد استحقاقها من دون طرح بدائل مقبولة على حاملي هذه السندات، على اعتبار أنّ هذه الخطوة (برأي المنظّرين لها في دوائر السراي) ستدفع الدول الخارجية إلى الجلوس مع الحكومة اللبنانية والتفاوض معها على رسم خريطة طريق إنقاذية للبنان، مشيرةً في المقابل إلى وجود محاذير تعتري هذه الخطوة وهي تكمن في أنّ حكومة دياب ستقرن رفض السداد برفض الامتثال لبرامج صندوق النقد الأمر الذي قد يعرّض لبنان لخطر إخراجه عن المنظومة المالية الدولية إن اعتمدت الدولة اللبنانية خيار عدم السداد من دون اتفاق تسووي مع الدائنين يفضي إلى إعادة هيكلة الدين والمصارف والشروع في خطة الإصلاحات البنيوية بالتعاون مع صندوق النقد.

وفي هذا الإطار، يؤكد خبراء اقتصاديون لـ”نداء الوطن” أنّ كلفة عدم الدفع من دون غطاء الثقة الذي يؤمنه “الصندوق” ستكون كارثية على الإقتصاد والمواطن في لبنان، إذ إنّ ما تبقى من سندات بين أيدي الدائنين للإستحقاقات المستقبلية ستنهار أسعارها ومن الممكن أن تلامس الـ 10 سنت للدولار، كما حصل مع فنزويلا على سبيل المثال، فيما ستدفع الليرة اللبنانية الثمن الأكبر وستنخفض إلى مستويات قياسية مقابل الدولار، وهو ما سيكبّد المواطنين خسائر فادحة نتيجة تدهور القدرة الشرائية وفقدان العملة لقيمتها. ومن هنا تأتي أهمية وجود صندوق النقد الدولي كضامن وعامل ثقة إلزامي بالخطة الإصلاحية اللبنانية لكي يؤمن الغطاء المطلوب في مواجهة الدائنين الدوليين لوقف اندفاعهم نحو تحضير دعاوى بالجملة والمفرق في وجه الحكومة لتخلفها عن الدفع.

أما على ضفة المصارف اللبنانية، فبينما كان النقاش محتدماً حول الخيار الذي يجب أن تتخذه الدولة اللبنانية إزاء استحقاق آذار من سندات اليوروبوند والبالغ 1.2 مليار دولار، حسمت جمعية المصارف برئاسة سليم صفير في بيان رأيها بأنها مع تسديد لبنان لديونه في موعدها حمايةً لمصالح المودعين ومحافظةً على بقاء لبنان ضمن إطار الأسواق المالية العالمية، في حين أنّ صفير نفسه اليوم بات يميل إلى خيار “مبادلة سندات اليوروبوندز” حسبما أعلن أمس في حديث لوكالة “بلومبرغ”، لكنه وازن بين هذا الخيار وبين وجوب “المباشرة بإصلاحات فورية من أجل تنقية المالية العامة واستعادة ثقة المستثمرين”، لافتاً في هذا المجال إلى أنّ “حاملي السندات الأجنبية على استعداد للموافقة على مثل هذا الـ”swap ” في حال استطاعت الدولة اللبنانية إقناعهم بحسن نيتها بالقيام بالاصلاحات وتنفيذ خطة موثوقة”… وهنا تحديداً “مربط الفرس” إذ لم يعد هناك من “خطة موثوقة” بالنسبة للخارج في لبنان إن هي لم تكن معدّة سلفاً بالتنسيق مع صندوق النقد، الذي يرفع “حزب الله” فيتو حكومي على التعامل معه بوصفه من “الأدوات الاستكبارية” التابعة للولايات المتحدة والمجتمع الدولي.

وبانتظار الانهيار الشامل على رؤوس اللبنانيين في ظل حكومة عاجزة عن اتخاذ القرارات السيادية المناسبة للتعامل مع الأزمة، ستواصل حكومة دياب اللعب على حافة الانهيار ومحاولة استجداء العرب والغرب لمد يد العون إلى الخزينة العامة، في وقت تؤكد أوساط وزارية لـ”نداء الوطن” أنّ رئيس الحكومة سيعلن قريباً عن اتفاق مع المصرف المركزي يقضي بضخ مبلغ 100 مليون دولار في القطاع المصرفي لتسيير أمور النقد في البلد، في خطوة سيصار إلى تقديمها على أنها تندرج ضمن إطار تخفيف القيود المصرفية عن صغار المودعين.