نظمت رابطة الجامعيين في الشمال ندوة حول كتاب ” نهاية لبنان الكبير”مئة سنة من الصدمات ورأس مالية الكوارث للصحافي الأديب أنطوان فرنسيس بحضور حشد من رجال الثقافة والفكر في مركز الرابطة في طرابلس.
الحسامي
واستهلت الندوة بالنشيد الوطني اللبناني ثم تحدث رئيس الرابطة الأستاذ غسان الحسامي مرحبا بالكاتب وبالحضور وقال:إنها الندوة الثالثة لموسمنا الثقافيّ تأكيداً على رسالة الرابطة في عامها التاسع والخمسين ودورها من خلال منبرها الحرّ والمستقل على أن تبقى هادفة الى التفاعل مع المجتمع المحليّ في إطار تعزيز الحركة الثقافيّة والأدبيّة، ونشر مفاهيم المواطنة وتغليب لغة الحوار والمعرفة ورفع الوعي.
وتابع:ندوة اليوم حول كتاب الأستاذ أنطوان فرنسيس يؤرخ بعين الباحث الواسع الإطلاع، والمؤرخ بتجرد، واللبنانيّ الخائف على المصير.ويتضمن سبعة فصول بعناوين غنيّة وخاتمة بعنوان الإمبراطوريّة الفاشلة.
وهذا الكتاب القيم أدى خدمة عظيمة لذاكرة لبنان الوطن، وكي لا يسجل التاريخ للأجيال الناشئة أن الوطن اللبنانيّ يمكن أن يصبح بلا قيمة ولا وزن نتيجة للغباء المعتق المستشري والناجم عن إدمان لعبة الموت، لعبة الإستثمار بالعصبيّات الطائفيّة المذهبيّة على إيقاع الغرائز البدائية.لذلك أجدني متبنياً لقناعة قد عبّر عنها الدكتور حسن حماده صديق طفولة الأستاذ أنطوان الذي قدّم لكتابه قائلا: أن الإتكال على الأجنبيّ، خصوصاً على المستعمرين الذين عانينا ونعاني منهم الأمرين، لا يجدي نفعاً بل يطيل من معاناتنا وعذاباتنا ويلغينا من الوجود. ووحدها الوحدة الداخليّة تنقذ لبنان.
فرنسيس
ثم تحدث الصحافي انطوان فرنسيس شاكرا للرابطة تنظيمها لهذه الندوة حول كتابه وللحضور مشاركتهم وقال ان عنوان كتابه ” نهاية لبنان الكبير مئة سنة من الصَدْمات ورأسمالية الكوارث” يجمع ثلاثة عناوين : نهاية لبنان الكبير، مئة سنة من الصَدْمات، رأسمالية الكوارث، لافتا الى ان هذه العناوين تتداخل وتتكامل في سبعة فصول قائلا: خلاصتها استخدمت الرأسمالية الدولية الكوارث المتنوعة (سياسية عسكرية اقتصادية) والصَدْمات المتوحشة ( حروب انفجارات تهجير ) طوال قرن من الزمن للقضاء على كيانية لبنان الكبير .
وتابع :يرتكز جوهر الكتاب على “عقيدة الصَدْمة” التي اطلقتها الباحثة الكندية د. نعومي كلاين في كتاب اصدرته عام 2007 عنوانه عقيدة الصَدْمة نشؤ رأسمالية الكوارث، وانطلقت في بحثها من نظريات رائد المدرسة النيوليبيرالية في العالم الأميركي ميلتون فريدمان حائز جائزة نوبل للاقتصاد عام 1976 والذي يقول : “وحدها الأزمات، حقيقية كانت أم وهمية ام مُفتعَلة  تُنتِج تغييرًا فعليًّا في المجتمعات “.
وأضاف:يقدم كتابي امثلة حثيّة على ان لبنان الكبير اصبح دولة مارقة لان الرأسمالية العالمية، وحلفاءها في الداخل، استثمروا الازمات والكوارث التي حلّت على لبنان لحظة بعد لحظة، ومصوا دمه قطرة قطرة ،وتركوه جثة هامدة !
وقال:خلال مئة سنة عاش وطننا سلسلة صَدْمات تدميرية  بدت ظاهريا كأنها مجموعة احداث متفرِّقة، لكنها في الحقيقة سلسلة معارك صغيرة وسط حرب كبيرة يسميها الجنرال ماكس فون وارينغ الحرب الهادئة، وهدفها تدمير المجتمع اللبناني لمصلحة صناديق رأسمالية الكوارث التي يحركها البنك الدولي والشركات الصهيونية العملاقة في وال ستريت كالدمى على مسرح الاطفال.
واضاف:كيف؟ ولماذا وُلِد هذا الكتاب ؟ في الرابع من شهر اب عام 2020 عاش لبنان صَدْمة دموية، تدميرية، مزلزِلة، لم يشهد مثلها في تاريخه .فعند الساعة السادسة وثمانية دقائق هزّ انفجار هائل مدينة بيروت سُمع دويه في جزيرة قبرص، وقدَر مركز الارصاد الاردني حجمه بحجم زلزال بقوة 4،4 درجات على مقياس رختر. في تلك العشية توقف الزمن اللبناني، ووقف الوطن مصدوما امام هول الكارثة. فشعرت في اعماقي ان تلك الجريمة المروّعة هي نقطة مفصلية في تاريخ لبنان الكبير. كأن انفجار مرفأ بيروت هو المسمار الاخير الذي دُقَ في نعش هذا الكيان، الذي خلقته فرنسا قبل مئة سنة، وارادته ” وطنا قوميا للمسيحيين”على غرار” الوطن القومي اليهودي” الذي بدأت الصهيونية العالمية تخطط لتكوينه في فلسطين منذ اواخر القرن التاسع عشر .
وتابع:بعد انفجار مرفأ بيروت انتابني شعور غريب احسست كأن الكارثة وقعت بداخلي. سبق ان راودني احساس مماثل يوم 14 شباط عام 2005، اثر اغتيال رئيس وزراء لبنان رفيق الحريري بفعل انفجارضخم سقط على اثره عدد كبير من الضحايا الابرياء في العاصمة اللبنانية .
وقال:رأيت ان الحدثين متشابهان بحجم الصَدْمة التي اصابت المجتمع اللبناني، وبالنتائج التي تسببها الصَدْمة هالني حجم الكارثة، واقلقني ما سوف تؤول اليه البلاد في الايام الاتية ؟؟ لقد علّمتني القراءة المدقَقَة لاحداث التاريخ ان نتائج الحدث الكبير تكون اشدَّ هولاً على الشعوب من الحدث بحد ذاته .
واعتبر ان ما جرى بعد مقتل رفيق الحريري كان اخطر من عملية اغتيال رئيس وزراء لبنان. ما بعد الاغتيال كان الهدف الحقيقي للاغتيال. الاغتيال كان مفتاح الهدف. كان الهدف اخراج الجيش السوري من لبنان.الاغتيال وضع نهاية حقبة سياسية عسكرية من تاريخ لبنان استمرت ثلاثين سنة .
المفجع اكثر؟ الاغتيال كان الحلقة الاولى في سلسلة الانهيارات. بعد الاغتيال وُلدت المحكمة الدولية من اجل لبنان ودامت 11 سنة 5 اشهر 19 يوما من 1 اذار 2009 – 19 اب 2020 ، والتي اصبحت جسرا لعبور ما سُمي ” المجتمع الدولي ” الى الساحة اللبنانية وعبارة “المجتمع الدولي” هي في الحقيقة عبارة بديلة عن “الهيمنة الاميريكي”على القرار السياسي في لبنان بعد التخلّص من”الهيمنة السورية “.

بعد 16 سنة من اغتيال رفيق الحريري وقع انفجار مرفأ بيروت …فادركت منذ اللحظة الاولى ان لبنان يتعرض لسلسلة صَدْمات جديدة سوف تزعزع كيانه في العمق ، وان طليعة تلك الصَدْمات بدأت قبل سنة في ليل 17 تشرين الاول عام 2019 ، حين أُحرقت الدواليب في وسط العاصمة وانطلقت ما سُمي ” ثورة تشرين.
الحقيقة المرة تقول: في ذاك الليل التشريني انطلقت بوسطة عين الرمانة ” من جديد ( لكن من دون قتل وخطف ومجازر ) صدمت بوسطة الثورة الوطن ، فقطّعت شرايينه واصابته بشلل كامل.
.ثم وقع فرنسيس كتابه للحاضرين.