الشيخ ملص … وضع الطائفة السنية الأسوأ في لبنان

عقد عضو المجلس الشرعي الاسلامي الاعلى سابقاً ورئيس اللقاء التضامني الوطني في الشمال الشيخ مصطفى ملص مؤتمرا صحافيا في مكتبه في المنية فقال :

” الحمدلله, والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

في البداية نرحب بالسادة الحضور ممثلي وسائل الاعلام المرئي والمسموع, في هذا المؤتمر الصحفي الذي اردنا من خلاله الاضاءة على جملة من الوقائع والمخالفات على المستوى المرجعي لدى طائفتنا الاسلامية السنية في لبنان, لاسيما فيما يتعلق بالمجلس الاسلامي الشرعي الاعلى, وبغيره من الهيئات والدوائر لدى هذه الطائفة التي أثقلت برجال دين وسياسة تقاطعت مصالحهم الشخصية والحزبية والسياسية على ضرب صدقية المؤسسات الاسلامية وعلى افراغها من صدقيتها التمثيلية والرقابية وحولت مؤسسات الطائفة المرجعية والادارية الى مجرد ادوات لخدمة مشاريعهم الخاصة والفردية, وقد ادت سياسات القوى التي تقاطعت مصالحها الى افراغ الهيئات والمناصب والمراكز والادارات من الكفاءات العلمية والتقنية, حتى غدا وضع الطائفة السنية في لبنان اسوء وضع عرفته الطوائف في هذا البلد, وغدت الطائفة السنية طائفة محبطة ليس بسبب اداء غيرها من الطوائف وانما بسبب ممارسات القيادات والزعامات السياسية والدينية فيها.

ومن الاسباب التي دعتنا الى عقد هذا المؤتمر الصحفي جملة من القرارات والاجراءات التي اتخذت او صدرت مؤخراً والتي نصفها بانها غير قانونية, وكان السبب في اتخاذها ابعد ما يكون عن مصلحة الطائفة وخدمة غاياتها السامية, ولعل اهمها اليوم هو ما يجري بشأن انتخاب اعضاء المجلس الشرعي الاسلامي الاعلى وما يحصل على هذا الصعيد من صفقات وتحالفات الغرض منها مصادرة ارادات الناخبين وزرع قناعة باطلة في نفوسهم وهي قناعة العجز عن القدرة على التأثير وايصال من يرون فيه الكفاءه العلمية والعملية, وهو ما يؤدي الى تسليمهم بما يريده ارباب الصفقات والتحالفات.

بل واكثر من ذلك عمدت قوى النفوذ السياسي المسيطرة على شخصيات المجلس الشرعي الاسلامي الاعلى الحالية الى قطع الطريق على مشاركة الشخصيات التي لا تنسجم مع طروحاتهم السياسية فأوعزوا الى اللجنة التي تبت في قبول طلبات الترشيح برفض قبول شخصيات معينة هي في معظمها لا تتبنى توجهاتهم السياسية, ومنها طلب ترشيحي لانتخابات عضوية المجلس الشرعي الاسلامي الاعلى رغم استيفاء الطلب لكافة الشروط القانونية, علماً انني سبق وكنت عضواً منتخباً في المجلس الشرعي الاسلامي الاعلى عام 2012.

ان جعل امر قبول المرشحين لعضوية المجلس الاسلامي الشرعي الاعلى في يد لجنة تتخذ قرارات استنسابية دون تعليل ولا تبرير هو امر مستهجن على صعيد الممارسة الديمقراطية, اذاً ما هو دور الهيئة الناخبة حين اذ عندما تقرر اللجنة عن الهيئة الناخبة من هو مؤهل ومن هو غير مؤهل.

ان الواجب ان تكون اللجنة خاضعة لمواصفات قانونية يحددها القانون ولا ينبغي تجاوزها, فمن استوفي الشروط القانونية يقبل ترشيحه, والهيئة الناخبة تقرر صلاحيته للمنصب من عدم صلاحيته باصواتها, لا بتحكم لجنة البت بالترشيحات.

ان الهدف من عدم قبول طلب ترشيحي لانتخابات المجلس عام 2023 هو اقصائي واقصاء من يحملون الفكر السياسي المخالف لمسار التطبيع والمشاريع المتممة له في المنطقة عن المجلس وذلك لغايات ليست بالبريئة, لان البعض ممن تسلط على الطائفة لا يريدون صوتاً في المجلس يرفض ممارساتهم المشبوهة وتبعيتهم لقوى خارجية معروفة, أكثر من ذلك، لا يريدون ان يسمعوا صوتاً يدعو الى الوحدة الاسلامية ولا صوتاً يعلن بكل صراحة ووضوح تأيده ودعمه لخط المقاومة ضد العدو الصهيوني ومعارضته للعدوان على سوريا, بل انهم يريدون ان ترتفع الاصوات الداعية الى التخلي عن القضية الفسلطينية وإنزالها عن سلم أولويات الامة الإسلامية.

لقد كان لي تجربة سابقة في عضوية المجلس الشرعي الاعلى جاهدت في حينها لكي تعطى منطقتي ما لها من حقوق حرمت منها لاسباب ابرزها ضعف التمثيل السياسي للمنطقة وتبعية الممثلين لقوى النفوذ السياسي التي كانت وما زالت تنظر الى المنية والضنية نظرة تهميش واستبعاد واستتباع, فاستصدرت قرارات من المجلس باحداث منصب مفتي لقضاء المنية الضنية وبانشاء دائرة وقفية, ولكن المجلس الذي اعقب دورتنا قام بالغاء هذه القرارات لأسباب كيدية تشبه قرارات الإستبعاد عن الإنتخابات المزمع حصولها.

انها الممارسة الديكتاتورية القمعية, التي سنبقى نعمل على مواجهتها لتغيير واقع الطائفة المذري جراء هذه الديكتاتورية التي بدأت منذ قرار تخفيض عدد الهيئة الناخبة للمجلس وللمفتيين وحصرها في يد قلة يمكن توجيههم والسيطرة على قراراهم. كما سنستمر في العمل على مواجهة محاولات تغيير مسلمات الطائفة وحرف وجهتها لتصبح دمية سياسية تخدم المشروع الأمريكي الفتنوي في المنطقة. وكذلك تتجسد الديكتاتورية في تكوين اللجنة التي تبت في قبول طلبات الترشيح والتي يحق لها ان ترفض اي مرشح دون ان تبرر رفضها او ما استندت اليه من هذا الرفض, كما انها تقبل من تريد متعامية عن عدم اهليته العلمية والقانونية بمجرد ان هناك قوى سياسية تريد هذا الشخص عضواً في المجلس، ولتكون هذه اللجنة مجرد شاهد زور يحمل على عاتقه تضليل الطائفة وضياعها. كما انه من المستغرب والمستهجن ان يكون اعضاء هذه اللجنة هم مرشحون ايضاً لعضوية المجلس, فهم يقررون في شأن منافسيهم .

ان الديكتاتورية التي تمارس ضد الفئات والشخصيات المتنورة نجد في مقابلها من قبل المؤسسات الرسمية خضوعاً تاماً لارادة واملاءات القوى التكفيرية الجاثمة على صدر الطائفة السنية, وما حصل في طرابلس في موضوع الاحتفاء بالامام البخاري خير دليل على ان هذه المؤسسات خاضعة للجهات التكفيرية. فإلى اين تسير مؤسسات طائفتنا السنية, هذه الطائفة التي كانت نموذجاً للاعتدال والتسامح, تحت سيطرة قوى سياسية خاضعة لاملاءات جهات خارجية تعبث بمقدراتنا ومصيرنا, وجهات دينية اصبحت رهينة للقوى التكفيرية.   لذلك نتوجه بهذا المؤتمر الى الرأي العام الاسلامي في هذا البلد منبهين الى خطورة الدرك الذي وصل اليه حال الطائفة السنية ومؤسساتها, ونتوجه على وجه الخصوص الى نواب الطائفة السنية في البرلمان اللبناني لنسألهم الى متى سيطول صمتهم عن مثل هذه الممارسات التي تقصي الشخصيات التي تحسب على خط سياسي معين عن لعب اي دور في مؤسسات الطائفة السنية.

واذكر بالاسم النواب أصحاب الساعدة فيصل كرامي, جهاد الصمد, طه ناجي, محمد يحيه, عدنان طرابلسي, حسن مراد, قاسم هاشم, اسامة سعد المصري, عبد الرحمن البزري, ينال صلح, ملحم الحجيري, كما نتوجه الى كل نواب الطائفة الديمقراطيين ما هو موقفهم مما يحصل في المجلس الشرعي الاسلامي الاعلى والى متى ستستمر هذه المهزلة الإنتخابية والى متى سيستمر هدم كيان ووجود هذه الطائفة وإبعادها عن مقاصد الإسلام الحنيف.   إن البدأ بإصلاح الواقع التمثيلي الديني للطائفة السنية يبدأ اولاً خلال تأجيل انتخابات اعضاء المجلس الشرعي الاعلى وتعيين لجنة محايدة ولا يكون احد من اعضائها من عداد المرشحين. ث

انياً: اعادة توسيع الهيئة الناخبة كما كانت قبل التعديل المشؤوم الذي قلص عدد الهيئة الناخبة وحرم العلماء ورجال الدين السنة من المشاركة في انتخاب مرجعياتهم الدينية والشرعية.

ثالثاً: تحديد مدة عضوية المجلس بدورتين فقط للشخص المنتخب.

رابعاً: ان تكون قرارات اللجنة قابلة للطعن امام جهة قضائية محايدة, من قبل المرشح المتضرر.

انها صرخة نرفعها في وجه الظلم والاقصاء والتبعية ، وإن كان المطلوب أن نتخلى عن ما نؤمن فيه وامرنا فيه الله ورسوله فإننا نعلن استمرارنا وتأكيدنا وسعينا في سبيل خط الوحدة الاسلامية, وخط المقاومة ضد العدو الصهيوني وضد التطبيع والمساومة والإستكبار, وضد عدوان القوى الشريرة التي استهدفت الدولة والشعب السوري بعدوانها. المحامي الشيخ مصطفى ملص عضو المجلس الشرعي الاسلامي الاعلى سابقاً.