أصدر القضاء الفرنسي مذكرة توقيف دولية بحق سلامة، بعد تغيّبه عن جلسة قضائية كان من المفترض أن تُعقد في باريس، على إثر فشل القضاء اللبناني في إبلاغ سلامة وفق الأصول بوجوب مثوله أمام القضاء في باريس

مستجد قضائي جديد فرض نفسه على الساحة اللبنانية، مع إصدار القضاء الفرنسي مذكّرة توقيف دولية بحق حاكم مصرف لبنان #رياض سلامة، وفق “وكالة الصحافة الفرنسية”، وفي سياق ملفات الفساد التي يحقّق فيها القضاء الأوروبي، وقبل فترة قصيرة من انتهاء ولايته في المصرف “المركزي”.
وفي التفاصيل، أصدرت القاضية الفرنسية المكلّفة التحقيق في أموال وممتلكات سلامة في أوروبا، أود بوريزي، مذكرة توقيف دولية بحقه الثلثاء، بعد تغيّبه عن جلسة استجوابه أمامها في باريس، على إثر فشل القضاء اللبناني في إبلاغ سلامة وفق الأصول بوجوب مثوله أمام القضاء في باريس، وفق مصدر الوكالة.
ومع فشل تبيغ سلامة، ساد توقع بألا يحضر سلامة الجلسة.
من جهته، رد سلامة على القرار، واصفاً إياه بأنّه “يشكل بإمتياز خرقاً لأبسط القوانين، كون حضرة القاضية لم تراع المهل القانونية المنصوص عليها في القانون الفرنسي بالرغم من تبلغها وتيقنها من ذلك”، معلناً نيّته “الطعن بهذا القرار الذي يشكل مخالفة واضحة للقوانين”.
ورأى سلامة في تجاهل القاضية الفرنسية “الصارخ للقانون تجاهلاً أيضاً لتطبيق إتفاقية الأمم المتحدة لعام 2003 والإجراءات المعترف بها دولياً التي تستند إليها هي بالذات في إطار المساعدة القضائية الدولية”، وسأل: “فهل يعقل أن قاضياً يطبق الإتفاقيات الدولية بإتجاه واحد؟”
واعتبر سلامة أن “من الواضح من جميع الأحداث التي رافقت التحقيقات الفرنسية أنها تعاكس مبدأ قرينة البراءة في تعاملها، وفي تطبيقها الإنتقائي للنصوص والقوانين، فبات جلياً أن حضرة القاضية الفرنسية السيدة أود يوروزي أخذت قرارها بناء على أفكار مسبقة دون إعطاء أي قيمة للمستندات الواضحة المبرزة لها، وهذا ما يتضح أيضاً بتشنجها الذي وصل مؤخراً إلى حدّ عدم التقيد بالأصول المفروضة في القوانين الفرنسية وفي المعاهدات الدولية”.
ولفت إلى “مثال آخر على ما سبق تدخل حضرة القاضية الفرنسية السيدة أود بوروزي في عملية تعيين محامين فرنسيين عن الدولة اللبنانية، وهذا الأمر قد نشر في العديد من الصحف اللبنانية، الأمر الذي أذى الواجبة”.

وذكر أن “التحقيق الفرنسي ضرب صفحاً عن مبدأ جوهري يتعلق بسرية التحقيقات، كونه أصبح واضحاً من المقالات الصحفية، وخاصة المقالات الصحفية الصادرة مؤخراً، ومنها تلك التي نشرتها رويترز بتاريخ 2023/04/21، أن الوكالات الصحفية تحصل دون قيد على وثائق التحقيق السرية كما تأخذ علماً مسبقاً بنوايا المحققين والقضاة إلى إرجاء جلسة الإستئناف المقدّم مني في آخر لحظة”.

كما أشار إلى أن “التحقيق في فرنسا الذي تسببته الشكاوى الممنهجة المقدمة من قبل خصومي يسير بوتيرة متسارعة، فيما الدعوى التي تقدمت بها أمام القضاء الفرنسي بشأن ملف كريستل كريديت (والذي هو ملف لا أساس له) ظل راكداً ولم يحرك ساكناً لثلاث سنوات بالرغم من بذلنا العناية”.

وختم سلامة بيانه: “هذه هي العدالة المبنية على الكيل بمكيالين التي تطبق عليّ”.

ومع صدور هذه المذكرة الدولية، يجري عادةً تعميمها على نشرة الإنتربول الدولي، ومنها مكتب الإنتربول الدولي في بيروت ليبلغها إلى القضاء اللبناني الذي سبق أن عايش حالات مماثلة مع صدور مذكرات توقيف بحق أشخاص من رعاياه. وكانت النيابة العامة التمييزية تتعامل قانوناً وتعمد إلى إخضاع صاحبها للتحقيق واتخاذ القرار المناسب في ضوئه، من دون الموافقة على تسليمه إلى الخارج عملاً بالقانون اللبناني الذي يلحظ محاكمة رعاياه على أراضيه، كون جنسية المنشأ تعلو على أي جنسية أخرى.
وفي حالة سلامة، يعود للقضاء اللبناني تقرير كيفية التعامل مع هذه المذكرة الصادرة في ملف شبيه لملفه العالق أمام قاضي التحقيق الأول في بيروت بالإنابة شربل أبو سمرا، إذ لم يصدر أي إجراء في هذا الملف حتى الساعة، في وقت بات يصعب على سلامة مغادرة الأراضي اللبنانية تبعاً للمذكرة الدولية عند تعميمها على الإنتربول الدولي.
وفي وقت سابق أمس الإثنين، عادت أوراق تبليغ سلامة إلى دائرة قاضي التحقيق الأول في بيروت #شربل أبو سمرا، الذي كان وجهها عبر الأجهزة الامنية المختصّة، لتعذّر إتمام التبليغ لحضور الجلسة المقررة غداً لإستجوابه أمام القاضية الفرنسية أود بوروزي، بسبب عدم العثور على سلامة لتبليغه.
اقرا أيضاً: “السيناريوهات” المحتملة لانتهاء ولاية رياض سلامة… وماذا عن الدولار؟

وطلب قضاة فرنسيون خلال تواجدهم في لبنان من نظرائهم اللبنانيين تبليغ سلامة باستدعائه للمثول أمامهم في 16 أيار بموجب تحقيقات أوروبية في قضايا غسل أموال واختلاس.

وقال المسؤول القضائي إن دورية أمنية توجهت الأسبوع الماضي لأربعة أيام متتالية “إلى مبنى مصرف لبنان لتبليغ الحاكم رياض سلامة موعد جلسة استجوابه المقررة أمام القاضية أود بوريزي الثلثاء في باريس، لكنها لم تعثر عليه”.

وكان سلامة، وبعيد الاستماع إليه من الوفد الأوروبي في 16 آذار الماضي، شنّ سلامة هجوماً مضاداً، مشدّداً أنه حضر ليستمع إليه وليس ليحقق معه. وللمرة الأولى، غمز سلامة من قناة “مدنيين وإعلاميين وسياسيين يدّعون أنهم قضاة يحاكمون ويحكمون بناءً لوقائع قاموا بفبركتها. واكبهم بعض السياسيين من أجل الشعبوية اعتقاداً منهم أن هذا الأمر يحميهم من الشبهات والاتهامات أو أنه يساعدهم على التطنيش عن ماضيهم”.
وقال سلامة: “لقد لمست ولأكثر من سنتين، سوء نية وتعطشاً للادّعاء عليّ… وأكدت خلال الجلسة على الأدلة والوثائق التي كنت قد تقدّمت بها إلى القضاء في لبنان والخارج مع شرح دقيق لها. ويتبيّن من هذه الوثائق والكشوفات أن المبالغ الدائنة المدونة في حساب المقاصة المفتوح لدى مصرف لبنان والذي حُوِّلَت منه عمولات إلى “فوري” (Forry) ، كانت قد سُدّدت من أطراف أخرى ولم يدخل الى هذا الحساب أي مال من مصرف لبنان ولم يكن هذا الحساب مكشوفاً في أي لحظة”.

وتابع: “كما يتبيّن من هذه الكشوفات أن حسابي الشخصي في مصرف لبنان غير مرتبط بالحسابات التي تودع فيها الأموال العائدة إلى المصرف ولم تحوّل إلى حسابي أموال من مصرف لبنان، وأن التحاويل إلى الخارج الخاصة بي، ومهما بلغت مصدرها حسابي الشخصي”.

وتتجه الأنظار بعد صدور مذكرة التوقيف من القضاء الفرنسي الى كيفية تصرّف الدولة اللبنانية، لاسيما وأن سلامة لا يزال في منصب الحاكمية.