المواس: هكذا تتجاوز بلدية طرابلس أزماتها المزمنة

يقدِّم المحامي الدكتور مروان المواس مقاربة تجمع بين التجربة والرؤية القانونية، ويطرح المخارج للأزمة المزمنة التي تعانيها بلدية طرابلس منذ عقود، وتفاقمت في السنوات الأخيرة إلى حدود تعطيل العمل البلدي وسط اندلاع الصراعات داخل المجلس البلدي وانشطاره في الوقت الراهن بين رئيسَين يطعن أحدهما بالآخر، بينما يتواصل الانهيار البلدي.

ينطلق المواس من تجربته في عضوية المجلس البلدي في طرابلس بين العامين 1998 و2004 رئيساً للّجنة القانونية فيها، ومن عمله في دولة الإمارات العربية المتحدة استشارياً في المجالين القانوني والبلدي، وهو اليوم يقدِّم خلاصة تجاربه في محاولة لوضع خريطة طريق للخروج ببلدية طرابلس من أزمتها العميقة الطويلة.

وتقوم مقاربته على الشكل الآتي:

إنّ القصور هو في وضع رؤية واضحة لخطط عمل المجلس البلدي بعد انتخابه والسعي لتطبيقه وهذه أول المشاكل التي تعاني منها البلدية، وإن الخلافات السياسية التي تنتقل إلى المجلس عبر الأعضاء المحسوبين على السياسيين تعكس واقع حالٍ مـُزرياً وصلت إليه المجالس المتعاقبة.

أمّا من الناحية الإدارية فإنّ النقصَ الكبير في الموظفين وأصحاب الخبرات في الجهاز الإداري قد أدّى إلى تراجع كبير في أداء هذا الجهاز، ناهيك عن الكمّ الكبير من الموظفين والأُجراء الذي درَجوا على عادة عدم الحضور إلى عملهم والاكتفاء بقبض رواتبهم آخر كلّ شهر.

أمّا من الناحية المالية فإنّ البلدية كغيرها من أجهزة السلطة العامة ما زالت تتقاضى الرسوم الموضوعة على سعر الصرف القديم للدولار. كما أنّ عدم تحديث «قاعدة المعلومات» البلدية عن وضع المباني يجعل الكثير من المُكَلَّفين أو منَ الذين يجب أن يُكَلَّفوا يتهرّبون من دفع ما هو متوجب عليهم، إضافة إلى إهمال العاملين في البلدية ضبطَ المخالفات على الأرض منها على سبيل المثال وليس الحصر فرض الرسوم على شاغلي أملاك البلدية بصورة عشوائية.

هذا بالإضافة إلى عدم قيام المجالس البلدية المتعاقبة بطرح تحديثٍ لقانون البلديات لا سيما قانون الرسوم البلدية.

الا أنّ الطامة الكبرى فتكمن في الجهاز الشرطي في البلدية المكلف قمع المخالفات وتنظيم السير في المدينة وفرض الأمن الاجتماعي، ونتيجة التدخلات التي تفرض عليها من قبل السياسيين وأصحاب النفوذ أصبح عاجزاً عن القيام بالدور المطلوب منه. وأمام هذا الواقع فإن الحل يجب أن يبدأ من:

أولاً: حثّ المواطنين على انتخاب مجلس بلدي من أصحاب الكفاءات والذي يحمل برنامجاً متطوراً ينقل البلدية إلى مواكبة العصر والابتعاد عن التجاذبات السياسية في المدينة.

ثانياً: أن تكون كتلة النواب هي الداعم الأساسي لمطالب البلدية في وزارات الدولة لتستطيع أن تحقق الأهداف التي تسعى لها البلدية.

الصعيد الإداري

تحتاج البلدية على صعيد الادارة إلى إعادة هيكلة جديدة تواكب التطور وأن تصبح بلدية ذكية عبر إدخال المكننة وتحديث جميع المعلومات لديها، وهذا لا يتم إلا اذا تمّ:

1 – إدخال عنصر بشري شاب وطامح ومتعلم بالعلوم الحديثة.

2 – إفساح المجال للموظفين القدامى بتقديم استقالاتهم افساحاً بالمجال للجيل الجديد.

3 – تفعيل مبدأ الثواب والعقاب.

4 – مبدأ فصل السلطات وعدم السماح بالتدخل في العمل البلدي من قبل أيّ جهة كان سواء سياسياً أو عسكرياً أو حتى من أعضاء المجلس البلدي.

5 – إنهاء خدمة جميع الموظفين والعاملين الذين يتقاضون رواتب من دون الحضور إلى عملهم.

الناحية المالية

ضرورة اتخاذ جملة إجراءات لتحسين الموارد المالية:

1 – وضع دراسة جديدة لرسوم البلدية وطريقة جبايتها.

2 – إجراء مسح شامل لجميع الوحدات السكنية والمحلات التجارية والمؤسسات والمطاعم وغيرها ليصار إلى استيفاء الرسوم المفروضة عليها.

3 – تطبيق القانون لجهة الحجز على أموال المتخلفين عن تسديد رسوم البلدية.

4 – تنظيم أوضاع شاغلي الأرصفة وأملاك البلدية وفرض الرسوم المناسبة عليهم.

أمّا لجهة المشاريع، وحيث أنّ قانون البلديات قد أعطى البلدية الحقّ في أن تدير بالذات أو بالواسطة أن تساهم أو تساعد في تنفيذ الأعمال والمشاريع، فيجب على البلدية من أجل النهوض بالمدينة دعوة القطاع الخاص إلى المشاركة في المشاريع التي تهمّ المدينة، وذلك عبر الشراكة أو اعتماد نظام الـBOT في عدد من المشاريع التي تخدم مصالح المواطنين والمدينة.

وأخيراً، فإنّ المجلس البلدي الجديد مدعوّ إلى إعادة النظر في قانون البلديات بصورة عامة ووضع توصيات إلى المجلس النيابي لتعديل بعض مواده مما يسمح بإعطاء البلديات مساحة أكبر من التحرك، لا سيما التحرّر من بعض القيود التي تقيد عملها من قبل سلطات الرقابة.