د. كرم كرم
يروي ما فعله يوم 5 حزيران
الشراع 5 حزيران 2022
الخامس من حزيران ذكرى لن تنسى
في الخامس من حزيران ١٩٦٧ صباحاً، وكان يوم إثنين، إجتمعنا سواً ٢٢ طبيباً من الجامعة الأمريكية في بيروت وانطلقنا بسياراتنا، التي طليناها بشعار الصليب الأحمر وملأناها أدويةً ومعدّاتٍ طبيّة، متوجّهين صوب الجبهة في الأردنّ. ساعدنا في تأمين احتياجاتنا رئيس قسم الجراحة، عميد كلية الطب، طيّب الله ثراه، الدكتور جون ويلسون. توجهنا أولاً إلى دمشق حيث التقينا في منزل الشاعر الفلسطيني أبو سلمى الكرمي، والد رفيقنا في الرحلة المغفور له الدكتور سعيد الكرمي. إتصلنا بقريب لي اللواء عادل عبيد عصر الخامس من حزيران، أخبرنا أن الحرب انتهت فلم نصدّق وأصرّينا على متابعة الطريق إلى الأردن. طُلب منّا أثناءها أن نطفئ مصابيح سياراتنا حتى لا يرانا الطيران الإسرائيلي، سيما وأن فرقةً من الجيش السوري كانت في طريقها لمساندة الجيش الأردني، مما تسبب بخروج سيارة نديم قرطاس عن خطها وإيغالها في الحقل المجاور. وما أن وصلنا مدينة الرمثا الأردنية، حتى لاقانا أهلها، وقد تجمّعت عن بكرة أبيها، للترحيب بنجدة الجيش العربي السوري. حملونا على ألأكتاف ظنّاً منهم أننا طليعته. ومنها إلى عمّان حيث تمّ تقسيمنا إلى فريقين، عمّان والزرقاء. كنت من الفريق الثاني ومعنا كمال بخعازي، وهو الأعلى رتبة وكان قد ترك عروسه في بيروت. ومعنا رجا حداد واميل بريحي وسامي سنجد وغيرهم. أما فريق عمان فكان الأعلى رتبة سعيد الكرمي ومعه جرير حلزون و جنيد محمود الخزنة و زياد العسلي وزيد كيلاني وغيرهم.
في الزرقاء لم يكن في المستشفى سوى مريض زائدة، أجرى له كمال بخعازب ورجا حداد عملية جراحية. كانت فعلاً الحرب قد انتهت وكانت خسائر الأًردن فيها محدودة. قصدنا عمان في اليوم التالي لنزور آل حلزون. ما أن رأتنا والدته عبر الباب ونحن في ثيابنا العسكرية ونديم قرطاس ببشرته الداكنة، حتى خافت ولم تفتح إلا بعد طمأنتها بصوت عالي. أردنا العودة وألحّ علينا رئيس الأركان بالبقاء لأن الأسلحة السرَبة لم تستعمل بعد!!لم نقتنع و
عدنا. وما أن وصلنا إلى الحدود اللبنانية, وكان جرير حلزون يحمل كل الجوازات، حتى دوّى صفير إنذار غارة. تركنا الجوازات وهرعنا عائدين إلى بيروت. كان الكل بانتظارنا وأقنعنا الدكتور نجيب أبو حيدر والدكتور منير شماعة رحمهما الله والدكتور وليد الخالدي، بعقد مؤتمر صحافي في نادي الخريجين. عن الكبار كان كمال بخعازي وسعيد كرمي وعن الأصغر زياد عسلي وأنا. حكينا عن تجربتنا مع بعض المبالغات، سيّما وأن مشاركتنا كانتالمساهمة الوحيدة التي تباهى بها لبنان.
من ترددات تلك الرحلة أن الإدارة العليا في الجامعة على إثر الضجّة التي أحدثناها والتي لم ترض العدوّ، قامت بلوم الدكتور جون ويلسون الذي بارك مهمتنا، مما حمله على تقديم استقالته والعودة إلى ستانفورد من حيث أتى.
لم يتسنّى لي أن أذكر أسماء كل من أقدم على تلك البادرة الشجاعة، بسبب عامل العمر والزمن. فأرجو المعذرة وأتقدّم ممن لم يعودوا معنا بآيات الرحمة، وممن ما زالوا هنا بالصحة وطول العمر.
كرم كرم
