رفع الدعم: فتّش عن مفاوضات “صندوق النقد”

ما علاقة مفاوضات الحكومة مع صندوق النقد الدولي برفع الدعم عن المحروقات؟

لنراجع التطوّرات بسرعة:

أعلنت وزارة الطاقة أمس رفع سعر صفيحة البنزين 38% ليصير عيار 95 أوكتان بـ174 ألفاً و300 ليرة لبنانية، وعيار 98 أوكتان بـ180 ألف ليرة لبنانية، فيما أعلن رئيس تجمّع الشركات المستوردة للنفط رفع الدعم بشكل رسمي عن المازوت، وأنّ هناك اتّجاهاً لرفعه عن البنزين.

هذا يعني أنّنا دخلنا فعليّاً عصر وقف الدعم نهائيّاً، بعدما تبيّن أنّ احتمال فتح مصرف لبنان لاعتمادات جديدة على أساس سعر 8000 ليرة للدولار (بالمقابل تتولّى وزارة المال دفع 8000 ليرة ثمن كل صفيحة)، لم يجد طريقه إلى التنفيذ، أسوةً بما حدث خلال الأسبوعين الماضيين، وتحديداً بعد اجتماع بعبدا المالي الذي أفضى إلى فتح اعتمادات بقيمة 225 مليون دولار لشراء المحروقات وصيانة معامل إنتاج الكهرباء.

في الواقع، لم يكن مصرف لبنان مقتنعاً بالأساس بدفع هذه الـ225 مليون دولار لكونها لا تذهب إلى مستحقّيها بشكل كامل، وهي تصبّ بجزء كبير منها في جيوب التجّار، في وقت يحاول لبنان إقناع الصناديق والهيئات الدولية بإعطائه قرضاً بقيمة 225 مليون دولار، فإذ به يحرق كامل المبلغ في أيام معدودة، فيما يُفترَض تسريع الإجراءات ووضع البطاقة التمويلية قيد التنفيذ وتمويلها بشكل سليم لتعوّض بعضاً من الدعم الذي كان يتولّى مصرف لبنان دفعه.

ولهذا لم يبذل المصرف المركزي مجهوداً، وفق مصادر مالية، لكي يواصل سياسة الدعم، ولو الجزئيّة، وكان لا بدّ من الانتقال إلى مرحلة ما بعد وقف الدعم، خصوصاً أنّ هذه الحكومة، التي تعرف “البير وغطاه”، غير ممانعة لهذا الخيار، ولن تقف حاجزاً أمام قرار مصرف لبنان.

عليه، سارع وزير الطاقة الجديد وليد فياض إلى رفع سعر صفيحة البنزين، ولا سيّما أنّه لا يجوز أن تستمرّ وزارة المال في تحمّل كلفة الـ8000 ليرة، وتحميل موازنة العام 2022 أعباء ثقيلة، عشيّة انطلاق المفاوضات مع صندوق النقد الدولي، بعدما تراجعت إيرادات الدولة إلى حدودها الدنيا.

برنامج دعم وثقة؟

في هذا السياق، تشير المصادر المالية المعنية إلى أنّ كلّ المؤشّرات تشير إلى أنّ مشوار التفاوض مع صندوق النقد لن يكون محفوفاً بألغام الخلافات الداخلية، كما حدث في الجولة الماضية مع حكومة حسان دياب، لافتةً إلى أنّ تقاطعات مبدئية بين حكومة نجيب ميقاتي ومصرف لبنان تسمح بالتخفّف من أوزان التباينات الثقيلة، والعمل بجدّية للوصول إلى برنامج دعم قد يفتح باب الثقة الدولية من جديد.