لا ينخدعن أحد بالشعارات/د. زياد علوش

الأمن والاستقرار بمفهومهما الشامل نعمة تستوجب الشكر لله سبحانه ومغامرة البعض بزوالها شر عظيم والمتأمل في المغامرات والمؤامرات التي تصيب عالمنا العربي والاسلامي تكاد تودي بأمتنا الى الهاوية وتحرف مسارها عن رسالتها الحضارية خدمة لاهداف مشبوهة، والى دعاة «التغيير» فإن ذلك يكون بالتحول الى النموذج الافضل ولنا في سيرة رسولنا الكريم ﷺ الأسوة الحسنة وليس بما يؤدي بالعرب والمسلمين الى المزيد من الفقر والتهميش والقتل والتدمير والتهجير.

قال تعالى: ﴿لِإِیلَـٰفِ قُرَیشٍ ١إِلَـٰفِهِم رِحلَةَ ٱلشِّتَاءِ وَٱلصَّیفِ ٢ فَلیَعبُدُو رَبَّ هَـٰذَا ٱلبَیتِ  ٱلَّذِی أَطعَمَهُم مِّن جُوع وَءَامَنَهُم مِّن خَوفِ﴾ [قريش ١-٤]

قَالَ رَسُولُ اللَّه ﷺ: مَنْ أَصبح مِنكُمْ آمِنًا في سِرْبِهِ، مُعَافًى في جَسدِه، عِندهُ قُوتُ يَومِهِ، فَكَأَنَّمَا حِيزَتْ لَهُ الدُّنْيَا بِحذافِيرِها رواه الترمذي وقال: حديثٌ حسنٌ.

﴿الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ﴾ بيَّنَ الله تعالى نعمته عليهم، النعمةَ الظاهرةَ والباطنةَ؛ فإطعامهم من الجوع وقايةٌ من الهلاك في أَمْرٍ باطنٍ وهو الطعام الذي يأكلونه، ﴿وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ﴾ وقايةٌ من الخلاف في الأمر والتنازع.

وهذه النعمة ذكَّرهم الله بها في قوله: ﴿أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا حَرَمًا آمِنًا وَيُتَخَطَّفُ النَّاسُ مِنْ حَوْلِهِمْ﴾ [العنكبوت ٦٧]؛

يرى «الجاحظ»: إن العامة مع كل ريح تهب، وناشئة تنجم، ولعلها بالمبطلين أقر عيناً منها بالمحقين، وفي مكان آخر: إنهم عون لكل ظالم.

يقول أفلاطون إن النظام الذي ينادي بالحرية المطلقة (الجماهيري) سينتهي إلى الفوضى وتنهار القيم الأخلاقية فيه.

الدول المستقرة والقوية والمسيطرة تحد من دور الجماهير بضوابط المصلحة العليا «النقاء الوطني والانضباط العام».

إن الدول المستقر وضعها والناهضة باستمرار لا تسمح أنظمتها للجماهير بأن تكون مصدر السلطات وصاحبة القرار بحرية مطلقة إنما بحدود وضوابط، وهذا لا يعني الترويج للاستبداد على الاطلاق.

إنه في بريطانيا، الدولة العظمى، النظام ملكي، ومجلس اللوردات حامي التوازن في الدولة، تعطى الجماهير حرية الاختيار بانتخاب ممثلين عن أحد الحزبين: العمال أو المحافظين،ومن يحصل على الأغلبية يكلفه الملك بتشكيل الحكومة.

وفي الولايات المتحدة، النظام رئاسي، ومجلس الشيوخ يحمي التوازنات بين الولايات، والشعب (الجماهير) ينتخب رئيساً ونائبه معاً من أحد الحزبين: الديمقراطي أو الجمهوري،والترشيح من قبل الحزب يمر بمراحل بين أعضائه أولاً ثم ينتخب شعب كل ولاية ممثلين ناخبين عنهم (مجلس النواب لا يشارك باختيار الرئيس) يعقدون جلسة واحدة لانتخاب الرئيس وينحل مجلسهم.

والرئيس يختار مساعديه (وزراء) ومن حق الكونغرس الاعتراض المعلل ويتم تغييره إذا ثبت سبب الاعتراض.

يقول ويلسون( ١٩١٣-١٩٢١): إن من حق الرئيس أن ينجح ما يشاء لكن ليس من حقه أن يخطئ.

وفي فرنسا: النظام شبه رئاسي، هرم الحكم فيها: رئيس الجمهورية، الجمعية الوطنية، مجلس الشيوخ، المجلس الدستوري:الذي يكون دوره ما قبل رئيس الجمهوري لأن مهمته مراقبة قرارات الحكومة والجمعية الوطنية ولا يتم رفعها لرئيس الجمهورية إلا بموافقته،إنه صمام الأمان، ورؤساء الجمهورية السابقون هم حكماً أعضاء فيه.

هذه نماذج من أنظمة الدول المسيطرة والقوية والناهضة باستمرار، لا تسمح للجماهير بالحرية المطلقة.

إن مجتمعاً لا يتم توجيه حركته الاجتماعية والاقتصادية والعلمية وسوق العمل وترشيد الفكر السياسي، لا يمكنه تجنب المفاجآت وعوادي الزمن.