قصيدة بقلم الشاعر الكبير الاستاذ/ ابراهيم ديب اسعد //أين ذاك الحمى//

 

//أين ذاك الحمى//

ريحُه العطرُ حين هبَّ النسيمُ
كسلافٍ مزاجُها تسنيمُ

معصراتٌ من العناقيدِ فاضَتْ
سكَرًا لا يشوبُهُ التحريمُ

قلْ لمن لم يوفِ الحبيبَ المرجّى
حقَّه فهْو في الغرامِ غريمُ

في سبيلِ الحبيبِ والحبِّ مَنْ لم
يعدم النفسَ فهو عندي عديمُ

واذا ما اقتصرْتُ عنه اشتغالًا
فأنا آنذاك فيه مليمُ

وإذا لم تفنَ النفوسُ اشتياقًا
كلُّ قلبٍ دون الفناءِ حطيمُ

أين ذاك الحمى وجيرةُ قومٍ
يومَ كنّا والعيشُ فيه جميمُ

فاغماتُ الزهورِ تعطسُ عطرًا
يملأُ الجوَّ عابقٌ وشميمُ

والعذارى حبًّا يلاحقْنَ ظبيًا
وهْو تيهًا عن عشقهنَّ فطيمُ

وليالٍ مشعشعاتُ الثريّا
ناظراها كواكبٌ ونجومُ

وجوارٍ يرشفْنَ كأسَ الندامى
حبّذا الحبُّ رشفةٌ ونديمُ

أملي أنْ أعودَ يومًا اليهم
اتناجى في حيّهم وأهيمُ

عاملُ الحبِّ لا تنازعَ فيه
فله الكلُّ عاملٌ وعليمُ

واشتغالي عنه به لضميرٍ
عائدٍ للحبيبِ حين يقومُ

واختصاصي بحبّه خصَّ قلبي
كمقامٍ فيه الحبيبُ مقيمُ(1)

هكذا تصريفُ الهوى في اعتقادي
أنا في النحوِ نحوَه مستقيمُ

ـ (1): التنازع والاشتغال والاختصاص من قواعد علم النحو.